الملخص
يمثل الأب ديميرسمين نموذجا للباحث في علم الاجتماع الذي غير من صورة الآخر. الآخر الذي يمكن أن نعتبره مختلفا فهذا الإيمان بالاختلاف هو الذي يخلق لديه خطابا وفكرا مغايرا.
لقد تناول الأب ديميرسمين في كتاباته الشخصية التونسية بالدرس والتمحيص وكانت أفضل طريقة في الفهم الجيد والمعرفة الدقيقة بالعادات والتقاليد وبوجدان الناس ونبضهم عبر إتقان اللهجة المحلية. ومن المفاتيح التي استعملها للولوج في شخصية التونسي هي الحكم والأمثال الشعبية التي تعبر عن عقلية أهل البلد وعصارة تجاربه وتوفر له ما يحتاجه من مبادئ وقوانين في حياته العامة والخاصة. هذه الحكم التي تمثل حسب الأب ديميرسمين فلسفة الحياة بأكملها وثراء في الصيغ فكل وضعية لها حكمها وصيغها وأجوبتها الخاصة ومن يريد أن يدخل في تعامل مباشر مع التونسيين عليه أن يكون مسلحا بمعرفة دقيقة باللهجة التونسية.
فروح التونسي وفهم شخصيته يمر عبر لهجته. لقد كان الأب ديميرسمين واع بصعوبة اقتحام اللهجة المحلية خاصة إذا ما تعلق الأمر بصاحب ثقافة فرنسية فهو يعلم أن العبارات المحلية مشحونة بالمعاني وبجمالية خاصة لا يشعر بها إلا من مارسها فهي مفعمة بالأحاسيس وما يميز اللهجة التونسية تحديدا هي عذب الكلام فالتعبيرات التونسية غنية بها
هذا اللطف الواضح في سلوك التونسي يجعل من مهمة الفرنسي صعبة إلى حد ما لأنه غير قادر على أن يعطيهم دروسا في العمق الإنساني.
كما أنّ التونسي كريم ومضياف ويبدي فرحا باستقبال الضيف ومما يؤكد على تجذر هذه القيمة لدى التونسي بحسب الأب ديميرسمين هو تأصل الرصيد اللغوي وثرائه الذي يهم هذا الموضوع فالطعام يخضع لقواعد وآداب تعكس ثقافة بأكملها .
لقد مكنت كل التفاصيل اللتي نقلها الأب ديميرسمين عن شخصية التونسي من أن تقدم لنا بعض المفاتيح لفهم هذه الشخصية كما كشفت عن قدرة ومهارة بعض الدارسين لالتقاط بعض الإشارات الإنسانية وتحليلها والتعمق فيها ذلك ما قام به الأب ديميرسمين.