المجال و التوطين في منطقة القطار(الجنوب التونسي)خلال العصر الوسيط.دراسة حول تشكل الواحة و المجالات الفلاحية والسكنية

Mots-clés

القطار، المكايل، قفصة، التوطّن، الواحة

Catégories

Comment citer

المجال و التوطين في منطقة القطار(الجنوب التونسي)خلال العصر الوسيط.دراسة حول تشكل الواحة و المجالات الفلاحية والسكنية . (2024). Revue De l’Institut Des Belles Lettres Arabes, 86(231), 5-46. https://ibla.tn/index.php/ibla/article/view/45

Résumé

 

تشكّل منطقة القطار مجالا واحيّا هامّا ومتميّزا، حيث ارتبطت في نشأتها وتطوّرها بنظام مائي مخصوص يعتمد على المكايل التي تنقل مياه العيون الجبلية نحو المجال الفلاحي، وهو نظام يعتبر تاريخيا من أقدم النظم التي ابتدعها الإنسان لنقل الماء من مكان إلى آخر.

كما تتركّز هذه المنطقة على محور حيوي يربط بين مدينتين تاريخيّتين، مدينة قفصة في الناحية الشمالية الغربية على بعد حوالي 18 كلم. ومدينة قابس على بعد حوالي 150 كلم في الناحية الجنوبية الشرقية. وقد مثّل هذا المحور منذ الفترة القديمة مسلكا هامّا من الناحية العسكرية والتجارية يربط البلاد التونسية بامتداديها الشرقي والغربي.

ولئن ذُكرت منطقة القطار في المصادر المكتوبة بداية من منتصف القرن السابع عشر، فإن المعطيات حولها في المصادر عموما تعتبر نادرة. بما يصعب معه البحث في الاشكاليات الأساسية التي تتعلّق بهذا المجال، والمتمثّلة خاصّة في تاريخ تشكّل وتطوّر المشهد التعميري بعنصريه الأساسيين العمراني السكني والفلاحي الواحي، وبتاريخ ظهور منظومة الري المخصوصة المثمثّلة في المكايل وخصائصها. فضلا عن أصول المجموعات البشرية التي استوطنت هذا المجال وكرونولوجيا استقرارهم وطبيعة العلاقات الاجتماعية التي كانت قائمة بينهم.

وأمام هذا الشحّ في المصنفات المكتوبة، كان من الضروري الاعتماد أكثر على العمل الميداني، والاستفادة من حصيلة العمل الأثري الجزئي الذي أنجز في مواقع محدّدة من مجال الدراسة، والبحث كذلك في وثائق الأرشيف المحلي.

وقد مكّننا هذا التوجّه البحثي من تقديم مقاربة شاملة تتعلّق بتاريخ التوطّن في مجال الدراسة، حيث تمّ التأكيد في هذا الإطار على أن نواتات الاستقرار البشري بدأت في الظهور منذ الفترة الوسيطة على الأقل. في حين تعتبر الواحة ومنظومة المكايل التي ارتبطت بها إحداثا متأخّرا، غير أنّ ظهورها قد ساهم في تسريع نسق التوطين وتوسيع مجاله. كما تمّت البرهنة على أن حركة التعمير الفلاحي قد مرّت بطورين، طور أوّل تركّز في السفوح الجنوبية لجبل عرباطة واعتمد على تقنية المدرّجات، وطور ثان تركّز في السهل حيث نشأت الواحة التي ارتبطت بظهور منظومة ري مخصوصة تعتمد على المكايل أو القنوات الباطنية التي تنقل الماء من العيون الجبلية نحو المجال الواحي. وقد مثّل هذا الطور الثّاني، التحوّل الحاسم في تاريخ المجال المدروس خاصّة أنّه تزامن مع توافد مجموعات بشرية هامّة من مناطق مختلقة ساهمت بشكل فعّال في عمليتي التعمير الفلاحي والتوطّن البشري.